السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سبحانك اللهم و بحمدك اشهد ان لا إله إلا انت استغفرك و اتوب إليك ..
اللهم صلي على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد
و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم إنك حميد مجيد
// ــــــــ //
قال تعالى / إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا / فاطر .. قال تعالى / فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم / النحل ..
// ــــــــ //
فوائد الإستعاذه من الشيطان عند قراءة القرآن
ابن القيم الجوزيه رحمه الله من كتاب كيف تتخلص من الوسوسه و مكائد الشيطان
امر الله عز و جل بالإستعاذه من الشيطان عند قراءة القرآن لعدة فوائد و هي :
1 . ان القرآن شفاء لما في الصدور يذهب ما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس و الشهوات و الإرادات الفاسده فهو دواء لما امره فيها الشيطان
فأمر ان يطرد مادة الداء و يخلي منه القلب ليصادف الدواء محلا خاليا فيتمكن منه و يؤثر فيه كما قيل /
اتاني هواها قبل ان اعرف الهوى فصادف قلبا خاليا فتمكنا
فيجيء هذا الدواء الشافي إلى القلب قد خلا من مزاحم و مضاد له فيجتمع فيه
// ــــــــ //
2 . ان القرآن مادة الهدى و العلم و الخير في القلب كما ان الماء مادة النبات و الشيطان نار يحرق النبات أولا فأول فكلما احس بنبات الخير في القلب سعى في
إفساده و إحراقه فأمر ان يستعيذ بالله عز و جل منه لئلا يفسد عليه ما يحصل له بالقرآن
و الفرق بين هذا الوجه و الوجه الذي قبله ان الأستعاذه في الوجه الأول لأجل حصول فائدة القرآن و في الوجه الثاني لأجل بقائها و حفظها و ثباتها و كأن من قال / إن الأستعاذه بعد القراءه
لاحظ هذا المعني و هو لعمر الله ملحظ جيد إلا ان السنه و آثار الصحابه إنما جاءت بالإستعاذه قبل شروع القراءه و هو قول جمهور الأمه من السلف و الخلف .
// ــــــــ //
3 . إن الملائكه تدنو من قاريء القرأن و تستمع لقرآته كما في حديث اسيد بن حضير لما كان يقرأ القرآن و رأى مثل الظله فيها مصابيح فقال النبي صلى الله عليه و سلم : تلك الملائكه ،
البخاري .. و الشيطان ضد الملك و عدوه فأمر القاريء ان يطلب من الله عز و جل مباعدة عدوه عنه حتى يحصل خاص ملائكته فهذه منزله لا يجتمع فيها الملائكه و الشياطين .
// ــــــــ //
4 . إن الشيطان يجلب على القاريء بخيله و رجله حتى يشغله عن المقصود بالقرآن و هو تدبره و تفهمه و معرفة ما اراد به المتكلم به سبحانه و تعالى فيحرص بحهده على ان يحول
بين قلبه و بين مقصود القرآن فلا يكمل انتفاع القاريء به فأمر عند الشروع ان يستعيذ بالله عز و جل منه .
// ــــــــ //
5 . إن القاريء مناجي الله تعالى بكلامه و الله تعالى اشد اذنا للقاريء الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينه إلى قينته و الشيطان إنما قرائته الشعر و الغناء
فأمر القاريء ان يطرده بالإستعاذه عند مناجاته تعالى و استماع الله لقرائته .
// ــــــــ //
6 . إن الله سبحانه اخبر انه ما ارسل من رسول و لا نبي إلا إذا تمنى القى الشيطان في امنيته و السلف كلهم على ان المعنى إذا تلا القى الشيطان في تلاوته كما قال الشاعر
في عثمان : تمنى كتاب الله اول ليله و آخره لاقى حمام المقادر
فإذا كان هذا فعله مع الرسل عليهم السلام فكيف بغيرهم ؟ و لهذا يغلط القاريء تاره و يخلط عليه القراءه و يشوشها عليه فيخبط عليه لسانه او يشوش عليه ذهنه و قلبه
فإذا حضر عند القراءه لم يعدم القاريء هذا او هذا و ربما جمعهما له فكان من اهم الأمور الإستعاذه بالله تعالى منه عند القراءه .
// ــــــــ //
7 . إن الشيطان احرص ما يكون على الإنسان عندما يهم بالخير او يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم / ان شيطانا تفلت علي البارحه
فأراد ان يقطع علي صلاتي / البخاري و مسلم .. و كلما كان الفعل انفع للعبد و احب إلى الله تعالى كان اعتراض الشيطان له اكثر ..
و في مسند الإمام احمد من حديث سبره بن ابي الفاكه انه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول / إن الشيطان قعد لأبن آدم بكأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال : أتسلم و تذر دينك
و دين آبائك و آباء آبائك فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجره فقال : أتهاجر و تذر ارضك و سمائك ؟ و إنما مثل المهاجر كالفرس في الطول فعصاه و هاجر ثم قعد
له بطريق الجهاد و هو جهاز النفس و المال فقال : تقاتل فتقتل فتنكح المرأه و يقسم المال قال فعصاه فجاهد / فالشيطان بالرصد على الإنسان على طريق كل خير ..
و قال منصور عن مجاهد رحمه الله / ما من رفقه تخرج إلى مكه إلا جهز معهم إبليس مثل عدتهم / رواه ابي حاتم في تفسيره فهو بالرصد و لا سيما عند قراءة القرآن فأمر سبحانه العبد ان يحارب
عدوه الذي يقطع عليه الطريق و يستعيذ بالله تعالى منه اولا ثم يأخذ في السير كما ان المسافر إذا عرض له قاطع طريق اشتغل بدفعه ثم اندفع في سيره .
// ــــــــ //
8 . إن الإستعاذه قبل قراءة القرآن عنوان و إعلام بأن المأتي بعدها القرآن و لهذا لم تشرع الإستعاذه بين يدي كلام غيره بل الإستعاذه مقدمه و تنبيه للسامع ان الذي يأتي بعدها التلاوه فإذا سمع
السامع الإستعاذه اتسعد لأستماع كلام الله تعالى ثم شرع ذلك للقارئ و إن كان وحده لما ذكرنا من الحكم و غيره .
// ــــــــ //
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته